أخي الفاضل بارك الله فيك مع اعتراضي الكامل على ما قاله ولكن أتمنى أن نبتعد عن الاساءة لشخصه والرد عليه بالحجة والدليل ، أعجبني هذا الرد الطيب ف نقلته بتصرف بسيط عن يوسف بن مصطفى من تويتر :

1- لا يوجد مانع شرعي ولا عقلي بأن يصل واحد من الناس إلى درجة الاجتهاد المطلق ويكون في مصاف مالك بن أنس وأحمد بن حنبل في الفقه.

2- المجتهد له شروطه المبحوثة في علم أصول الفقه وهي التكليف وأن يعرف أن الأصل هو براءة الذمة وأن يكون عارفا بالنحو والصرف والبلاغة…

ومعاني ألفاظ العرب وألفاظ الشارع وألفاظ العرف عارفا بعلم الأصول عارفا بالناسخ والمنسوخ وأسباب النزول والصحيح من الضعيف في الأحاديث عارفا بآثار الصحابة وأقضيتهم وعارفا بمواطن الإجماع وأن يكون فطنا فقيه نفس عارفا بمقاصد الشرع، ولا مانع من التقليد في التصحيح والتضعيف، …

ولا يشترط الحفظ بل يكفي أن يكون عارفا بمواطن وجود أحاديث وآثار الأحكام وعارفا بمواطن أسباب النزول عارفا بمواطن كلام المحدثين في الأحاديث لكن لا بد أن يكون عارفا بمصطلح الحديث.

روى الخطيب في الفقيه والمتفقه بسنده إلى الشافعي قال: (لا يحل لأحد يفتي في دين الله إلا رجلاً عارفا بكتاب الله : بناسخه ومنسوخه, وبمحكمه ومتشابهه , وتأويله وتنزيله , ومكيه ومدنيه , وما أريد به , وفيما أنزل , ثم يكون بعد ذلك بصيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبالناسخ والمنسوخ , ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن , ويكون بصيرا باللغة , بصيرا بالشعر وما يحتاج إليه للعلم والقرآن , ويستعمل مع هذا الإنصاف , وقلة الكلام , ويكون بعد هذا مشرفا على اختلاف أهل الأمصار, ويكون له قريحة بعد هذا , فإذا كان هذا هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام , وإذا لم يكن هكذا فله أن يتكلم في العلم ولا يفتي).

3- العمل على مذهب فقهي ليس عقد تأسيس لشركة أو مؤسسة تجارية، فالمذهب الفقهي هو طريقة سلكها أحد الأئمة المجتهدين في استنباط الأحكام الفقهية، هذه الطريقة سلكها بعد انطباق شروط الاجتهاد عليه، وشهادة مشايخه العلماء بأهليته، جاء في الحلية لأبي نعيم بسنده عن مالك أنه قال: (ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك).

أي: سبعون عالماً.

4- المتأمل لهذه الشروط ينظر إلى حفظ الله للشريعة بأن يتكلم فيها العالم بها فالله حفظ القرآن وكانت هناك شروط لإثبات قرآنية القراءات تُنظر في كتب العلوم القرآنية، وحفظ أحاديث نبيه بعلماء وضعوا شروطا دقيقة لإثبات صحتها ونخلوها نخلا، وحفظ الفهم الصحيح لهما، فخلق رجالا قاموا باستقراء لغة العرب وبنيت علوم على حفظها كالنحو والصرف وخلق رجالا دونوا الأصول التي بنى عليها المتقدمون فهم النصوص وهذه القواعد مبناها يعود لاستقراء فهم فقهاء الصحابة الذين أخذوا عن رسول الله.

ثم قدر أن يكون أخذ العلم سلسلته تعود إلى فقهاء الصحابة، ففقهاء الصحابة أخذ عنهم فقهاء التابعين ثم أخذ من فقهاء التابعين أتباعهم وهكذا سلسلة العلم، فأصلها يعود إلى فهم صحابة رسول الله، والشافعي عندما ألف أصول الفقه دونها بناء على الأصول المأخوذة من أشياخه وأشياخه عن أشياخهم وهؤلاء إلى الصحابة وكل إمام مذهب سنده مثل ذلك.

5- شروط الاجتهاد تُرجع المتصف بها لطريقة فهم الصحابة وتعاملهم مع النصوص، وفهم الصحابة فيه ما هو إجماع وفيه ما هو خلاف وهذا الخلاف في الفهم عائد لاعتبار تعاملهم وفهمهم للأدلة فكانت مدرسة المدينة التي من أعمدتها من زيد بن ثابت وابن عمر، ومدرسة مكة وعمدتها ابن عباس ومدرسة العراق وعمدتها ابن مسعود، وأئمة المذاهب الفقهية سندهم الفقهي يعود لهذه المدارس أو بعضها أو أحدها، لذا طالب العلم لكي يصير عالما مجتهدا سيبدأ تدريجيا بمذهب واحد فيعرفه ويعرف قواعده وأصوله وأدلته ويدرس علوم الآلة الأخرى ثم ينتقل لمذهب آخر وهكذا فإذا عرف مدارك العلماء وعرف طريقتهم التي تعود لمدارس الصحابة ستكون طريقته إما عائدة لأحد مدارس الصحابة كمدرسة المدينة أو مزيجا بين المدارس فأصوله التي سيبني عليها استنباطه لن تكون جديدة لم يعرفها أحد.

وهنا يأتي سؤال، وهو ما المانع من عدم إحداث أصول حديثة مناسبة لعصرنا؟

المانع هو أن ذلك مخالف للإجماع الذي جرى عليه المسلمون من زمن الصحابة إلى عصرنا، والله يقول في كتابه: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)، فاتباع غير سبيل المؤمنين مذموم وكذلك اتباع غير سبيلهم في تصحيح وتضعيف الأحاديث مذموم، ومنه مخالفة حديث أجمعوا على صحته.

وجاء عن ابن عمر عند الترمذي أن النبي قال: (إن الله لا يجمع أمتي أو قال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم- على ضلالة)، ويلزم من ذلك أن إجماعهم على عدم العمل بأصل ستُحدثه أنت كان ضلالة منهم قرونا وأنت أنقذت الناس بإحداثه.

سؤال، لماذا فهم الصحابة؟

لأن الله تعالى قال فيهم: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)،وفهم من رضي الله عنه أحرى بفهم من لم نعلم رضاه عنه من عدمه وقال تعالى فيهم أيضاً: (وكلا وعد الله الحسنى).

وقال النبي كما في حديث العرباض بن سارية عند ابن ماجة وغيره : (ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاءِ المهديين الراشدين)، وقال كما في حديث ابن مسعود في الصحيحين: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، وخيرية القرن الأول لأنهم أقرب الناس لعمل النبي وأقواله وأكثرهم اقتداء به والاقتداء الحسن لا يكون إلا بفهم حسن.

ومن ناحية النظر نقول أن الصحابة هم الذين اصطفاهم الله لينقلوا لنا عن النبي كتابه وأقواله وأفعاله وآثاره وصفاته فأسانيد القرآن تكون عبرهم وأسانيد السنة…

عبرهم من غير واسطة بينهم وبين الرسول ومن رأى الرسول وعاش معه وعايش ألفاظ التنزيل وألفاظ النبوة سيكون أعرف في أوجه محاملها ومدلولاتها.

انتهى